كعادتها كل عام منذ 1997، وفي الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر، الذي يصادف عيد الوحدة الألمانية، فتحت مساجد ألمانيا أبوابها للزوار من الألمان وغير المسلمين، لإفساح المجال أمام الناس للتعرف عن قرب على الدين الإسلامي! وفي برلين كما في عموم ألمانيا، فتح 20 مسجداً أبوابه للزوار أمس، وسط انتشار متسارع لفيروس كورونا، وبعد أيام من رفع مستوى الخطر بالمدينة إلى الدرجة الحمراء، الأمر الذي مثل تحدياً للمنظمين والزوارعلى حد سواء، وهو ما عكسه شعار هذا العام: “الإيمان في الأوقات غير الإعتيادية”.
إقبال أقل بسبب الوباء
السيدة بيزانور آيدين، إحدى القائمات على تنطيم البرنامج اليوم المفتوح، قالت: “توقعنا أن يكون عدد الزوار أقل مقارنة بالأعوام السابقة، على خلفية المخاوف الصحية! رغم إتباع الأجراءات الإحترازية كفرض تعقيم اليدين، وارتداء الكمامة طوال الوقت داخل المسجد، بالإضافة لتدوين المعلومات الشخصية قبل الدخول”. فيروس كورونا كان حاضراً ليس فقط على صعيد الإجراءات الإحترازية بل أيضاً في المحاضرة التي ألقاها إمام المسجد، حيث استشهد بالوباء كدليل على “ضعف الإنسان” وركز على الدروس المستقاة من هذا التحدي الكبير للبشرية. البرنامج الذي بدأ عند الثانية عشر ظهرا أمس، شمل جولة تعريفية بأقسام المسجد ومحاضرات وتلاوة من القرآن الكريم.
المرأة والسياسة مثار فضول الزائرين
وعن أكثر المواضيع التي تثير فضول الزوار من غير المسلمين، والتي غالباً ما يكون لديهم أسئلة حولها قالت آيدين: “كثيراً ما نسأل عن أوجه تشابه الإسلام مع المسيحية من قبل المهتمين بالأديان بالعموم على سبيل المثال! أو عن وجهة نظر الإسلام تجاه قضايا تخص الأديان الأخرى، كما أننا نلاحظ لديهم إهتماما خاصا بمعرفة موقف الإسلام من النساء وقضاياهن”! وأضافت آيدين أن طبيعة الأسئلة ليست دائماً قائمة على التشكيك أو مبنية على معلومات مغلوطة، بل على رغبة بالمعرفة واستقاء معلومات صحيحة فيما يخص الدين الإسلامي: “لكن نعرف أن علينا التحلي بالصبر وسعة الصدر تجاه أي سؤال، ونحرص أن تتم الإجابة ممن لديهم العلم والمعرفة العميقة، ففي النهاية الغرض من هذه الفعالية هو تصحيح المفاهيم حول ديننا وتعزيز التفاهم”.
يقول محمد، وهو أيضاً أحد المنظمين، إن الزوار غالباً ما يسألون إذا كان المسجد يتبع لمنظمة سياسية معينة: “ما نؤكده دوماً للزوار هو أننا بعيدون تماماً عن أي ارتباطات سياسية، المسجد قائم على أموال التبرعات”.
الطراز المعماري الإسلامي يجذب الزوار
فيليب، رجل ألماني يعيش في منطقة قريبة من المسجد، قال إنها ليست المرة الأولى التي يزور بها المسجد: “أعيش بالقرب من هنا ولدي فضول كل عام لأدخل وأعرف المزيد عن هذا اليوم.. أحب أن أشاهد كيف تتم الصلاة الإسلامية، وأيضاً لدي اهتمام بالهندسة المعمارية للمساجد، و قد وجهت عدة أسئلة للإمام حول أقسام المسجد واستفدت من شرحه بهذا الخصوص”.
مشاركة أولى بعد اعتناق الإسلام
جوليا، شابة ألمانية اعتنقت الإسلام قبل ثلاث سنوات قالت لأمل برلين: “هذه المرة الأولى التي أشارك فيها بهذا اليوم كمسلمة! اعتنقت الإسلام بعد زيارة إلى دبي وأحد المساجد هناك، لكن كان لدي قراءات عن الإسلام من قبل”، وتابعت جوليا: “انطباعي الشخصي أن للإسلام عمقاً خاصاً لا أجده في باقي الأديان، وهو ما دفعني للتعمق بفهم هذا الدين. أشعر بعد ثلاث سنوات من اعتناق الإسلام أن شخصيتي تغيرت وأصبحت شخصاً أكثر روحانية! بصراحة تعلمت أن لا أحكم على الأشياء من الخارج، وأن المواقف السلبية تجاه أديان أو قضايا معينة سببه عدم كفاية المعلومات والفهم المنقوص، وهذا ما يمكن أن تعالجه فعاليات مثل يوم المسجد المفتوح”، وختمت جوليا بالقول: “ثمة ممارسات سلبية مرتبطة بثقافة معينة يتم ربطها بالدين بشكل خاطئ، لكن هي بالنهاية مسائل متعلقة بالثقافة”!
فرصة لفهم صحيح للدين
ورأى أحمد من سوريا، أن إحياء هذا اليوم خطوة مهمة لتعريف غير المسلمين أكثر بالإسلام: “يقتصر فهم الكثيرين للإسلام على ما تروجه وسائل إعلام لأهداف مشبوهة، أو على ممارسات سلبية يقوم بها من يدعون صلتهم بالإسلام، لهذا السبب أعتبر هذا اليوم فرصة مهمة لكي يستقي الناس الصورة الصحيحة من مصدرها الصحيح وهو المسجد”.
- نص لـ منال اسماعيل