تلقيت الدعوة لحضور اللقاء التي تنظمه منظمة حوارات عدة مرات ولم ألبِ الدعوة، فمنذ وصولي إلى ألمانيا، وأنا أذهب إلى أنشطة ولقاءات ومحاضرات تتعلق بالشأن السوري، وقد وصلت إلى مرحلة الملل إن لم يكن اليأس، فنفس الأفكار تعاد ونفس المنطق يتكرر. إلا أنه في الأيام الأخيرة قررت أن ألبي آخر دعوة من الصديق عامر لحضور لقاء حول ما استجد بسورية بعد قانون قيصر وجائحة كورونا! وبالفعل الأمر اختلف كثيرا، فالجميع يتكلم باحترام مع الآخرين، وينصت لأفكارهم، انتقاد دون أي نوع من التجريح، إدارة هادئة للحوار بعيداً عن التعصب والتشنج، كل ذلك دعاني لإجراء هذا الحوار مع عامر كاتبة للحديث عن منظمة حوارات.
1- هل لك أن تعطينا فكرة عن منظمة حوارات ولماذا استبدلتم الاسم من حلقة السلام من أجل سوريا إلى حوارات؟
حوارات منظمة أُسست عام 2013 باسم حلقة السلام من أجل سوريا ومقرّها برلين. المنظمة تعمل على تعزيز الحوار البنّاء والتواصل بين الأفراد، وتساهم في ذلك من خلال مناقشة مهنية للنزاع في سوريا وعواقبه. كما تعمل على خلق مساحات للتعبير وفرص للتبادل للوافدين/ات الجدد إلى ألمانيا، وذلك ليس فقط فيما بينهم بل أيضاً مع الأشخاص الذين يعيشون في ألمانيا لفترة طويلة، إضافة إلى دعمهم في التعامل مع التجارب والتحديات في البلد الجديد. حوارات تعمل بشكل مستقل وتعتمد على العمل التطوعي في تنفيذ الأنشطة والمشاريع. في بداية هذا العام قمنا باستبدال الاسم ليصبح حوارات كون المشاريع التي نقوم بها لا تقتصر على الموضوع السوري وفي كثير من الأحيان كان معنا مشاركين ومشاركات من دول أخرى. تغيير الاسم هو لجعل المشاركة مفتوحة لجميع الأشخاص بغض النظر عن الجنسية. كما أن الحوار هو الفكرة الأساسية التي نعمل على تعزيزها بغض النظر عن الموضوع الذي نعمل عليه، فنحن سنتابع العمل على الموضوع السوري ولكن نرغب في العمل على موضيع أخرى.
2- بماذا تختلف الأنشطة التي تقومون بها عن أنشطة باقي الجمعيات والمنظمات؟ وما هي مشاريع حوارات السابقة والحالية؟
مشاريعنا وأنشطتنا ليست خدمية بالمعنى العام فنحن لانقدم استشارات أو مساعدات للأفراد بالشكل المباشر، وإنما نسعى إلى خلق مساحات للأشخاص للتعبير وللنقاش في مواضيع اجتماعية أو سياسية بحرية تامة، حيث نقوم بتنظيم ورشات عمل وجلسات نقاشية حول مواضيع مختلفة بالاعتماد على طرق تفاعلية تدعم المشاركة الفاعلة للأشخاص. على سبيل المثال في مشروعنا الحالي “جلسات نقاشية حول سوريا” نناقش مواضيع مختلفة تتعلق بالموضوع السوري كمسألة الهوية أو فرص المشاركة أو شكل الدولة (الآن وفي المستقبل) أو العدالة الانتقالية. في هذا النوع من الجلسات نركز على المستوى الشخصي في طرح المواضيع ونقاشها بين الحضور بدل من الاعتماد على مبدأ دعوة الخبراء للحديث عن الموضوع. قبل ذلك وفي نفس السياق قمنا بسلسلة من الورشات حول موضوع “الهويات السورية والتفاوض”.
في المشروع الحالي الآخر “صدى” نعمل على دعم القادمين والقادمات الجدد من منطقة الشرق الأوسط والذين تتجاوز أعمارهم 30 عاماً لإيجاد مكان لهم في المجتمع الجديد في ألمانيا، وذلك سواء فيما يتعلق بدعم الاندماج المهني والاجتماعي والفردي أو المشاركة على المستوى الاجتماعي والسياسي. هناك الكثير من المشاريع التي تعمل على الاندماج ولكن هناك مشاريع قليلة تعمل على خلق مساحات تعزز التواصل المستمر وتبادل التجارب بين الأشخاص وتدعم أفكارهم ومبادراتهم. في السابق قمنا أيضاَ بتنظيم ورشات كتابة حول مواضيع مرتبطة باللجوء والعيش المشترك. إلى جانب هذه المشاريع يقوم أعضاء المنظمة بتنفيذ ورشات عمل حول مواضيع مثل الهوية والاندماج أو المشاركة بناء على طلب منظمات مهتمة بهذا المجال.
3- وما هي الخطط المستقبلية للمنظمة ؟
خططنا المستقبلية هي تطوير المشاريع التي نعمل عليها وأن نجعلها دائمة. المنظمة تعتمد على العمل التطوعي ولذلك هناك صعوبة في تحقيق نوع من الاستمرارية في بعض المشاريع ولكن سنحاول تطوير ذلك في الفترة القادمة. كما نسعى لتعزيز الشراكات مع منظمات أخرى لدعم هذا النوع من المشاريع.
4- برأيكم ما هو المطلوب من الحكومة الألمانية اتجاه منظمة مثل حوارات،واتجاه السوريين بشكل عام بألمانيا؟ واتجاه إيجاد حل في سوريا!
المطلوب من الحكومة الألمانية والجهات الداعمة الأخرى تجاه المنظمات الصغيرة مثل حوارات هو توفير برامج دعم تكون فيها عملية التقديم والحصول على الدعم بسيطة وبدون الكثير من التعقيدات البيروقراطية، كما يجب تخصيص دعم للمشاريع التي تعمل على تعزيز التواصل بين السوريين/ات (أفراد ومجموعات).
على سبيل المثال، فيما يتعلق بدعم عملية السلام في سوريا، هناك دعم للمسار الأول (محادثات السلام السورية في جنيف) والمسار الثاني (مثل غرفة دعم المجتمع المدني)، ولكن هناك القليل من التركيز على دعم هذه المشاركة في المسار الثالث (مثل الحوارات بين المجموعات والأشخاص) ، وهو بنفس الأهمية لإيجاد حل وإحلال السلام الدائم في سوريا على المدى البعيد. من وجهة نظري، هناك خيبة أمل كبيرة بين الأفراد والمجموعات السورية نتيجة لكيفية تطور الأحداث في سورية، ولكن من الضروري إعادة تنشيط المناقشات والحوارات بين السوريين/ات من أجل التغلب على هذه الحالة الجمعية.
كما أن السؤال لا يجب أن يقتصر على ما هو المطلوب من الحكومة الألمانية أو أي جهة خارجية أخرى تجاه السوريين أو السوريات. السؤال الأهم من وجهة نظري ماهو المطلوب من السوريين والسوريات وبشكل خاص المنظمات أو المؤسسات السورية تجاه بعضهم البعض للتعامل مع الظرف الحالي.
- يذكر أن عامر كاتبه باحث مستقل وطالب دكتوراه في مجال دراسات النزاع والسلم في جامعة ماغديبورغ، قبل ذلك، درس العلوم الإنسانية والأدب الانكليزي في جامعة دمشق، حتى حزيران 2016 عمل كمختص اجتماعي ومستشار للاجئين في برلين، ثم كمدرب بمشروع “الاندماج على مستوى العينين” التابع لمعهد براندنبورغ للمجتمع والأمن (BIGS) وذلك حتى عام 2019.