هل كان من الخطأ الموافقة على التظاهرة الكبيرة لمعارضي القيود والاجراءات الحكومية ضد كورونا الأسبوع الماضي؟ اندلع نقاش حول حدود حرية التجمع، حيث انتقد العديد من السياسيين، بمن فيهم وزيرة العدل كريستينا لامبرشت (SPD)، بشدة المشاركين في الحدث، وقالت إن حرية التظاهر أمر مهم يضمنه القانون، لكن يجب مراعاة متطلبات الحماية من الوباء حتى لا تتعرض حياة الآخرين للخطر! كما انتقد وزير الصحة الاتحادي ينس شبان (CDU) نقص التضامن لدى المتظاهرين بالقول: “يجب أن تكون المظاهرات ممكنة أيضًا في زمن وباء كورونا، لكن ليس بهذا الشكل!”.
شكوى جنائية ضد منظم المظاهرة!
ورغم تزايد عدد الإصابات بالوباء، توافد عشرات الآلاف من الأشخاص يوم السبت للتظاهر وسط برلين تحت شعار “نهاية الوباء – يوم الحرية”، معظمهم كانوا على مقربة من بعضهم البعض ودون وضع الكمامات، بانتهاك صارخ لمفهوم الحماية والتباعد الاجتماعي الذي فرضته سلطات البلاد للحد من انتشار كورونا. سُجل الحدث من قبل مبادرة شتوتغارت “التفكير خارج الصندوق 711″، وجاء المشاركون من جميع أنحاء ألمانيا، وقد أُلغيت المظاهرة في فترة ما بعد الظهر، وقُدمت شكوى جنائية ضد المنظم، مايكل بالويج، وفقًا لصحيفة برلينر تسايتونج! وزيرة العدل الاتحادية كريستينا لامبرشت وصفت أداء السلطات المحلية في برلين بـ “النهج الثابت”، لكنها انتقدت تأخر الشرطة المحلية بالتدخل!
من جهته دافع رئيس المجموعة البرلمانية اليسارية في البوندستاغ ديتمار بارتش، عن منح الموافقة للتظاهرة بالقول: “التظاهر حق دستوري، يجب الالتزام به حتى لو لم يعجب ذلك البعض، كما يجب مراعاة قواعد النظافة وتطبيقها في كل مكان خاصة في أوقات كورونا، أتوجه بالشكر للمتظاهرين المضادين والشرطة”.
أكثر من مليون مشارك!
كما يدور نقاش ساخن أيضاً حول عدد المشاركين بالمظاهرات التي حدثت ضد قيود كورونا في نهاية الأسبوع الماضي، حيث يتحدث المنظمون عن 1.3 مليون متظاهر، بينما تتحدث الشرطة عن مشاركة 20 ألف شخص! كيف يمكن أن تكون أعداد المنظمين والشرطة متباعدة إلى هذا الحد؟ في الواقع، تظهر الصور التي التقطت في أوقات مختلفة عند عامود النصر وسط برلين، حشدًا يبدو أنه يملأ شارع “17 يونيو”! ففي صورة لوكالة الأنباء الألمانية، يبدو الشارع ممتلئًا بالفعل، لكن إذا قمنا بتكبير الصورة، سنجد فجوات كبيرة باتجاه بوابة براندنبورغ، كما تظهر صورة أخرى انتشرت على تويتر من نفس المنظور أن شارع 17 يونيو فارغ إلى حد كبير بالمقدمة!
تفاوت كبير بعدد المشاركين بين احصاءات الشرطة والمنظمين!
وقد انتشرت تغريدة مفترضة على لسان شرطة برلين جاء فيها: “في مظاهرة يوم الحرية، يمكننا حاليًا تأكيد ما لا يقل عن 3.5 مليون مشارك”، لكنها تغريدة مزيفة، حيث قال متحدث باسم الشرطة أمس: “لم نقم أبدا بتغريدة من هذا القبيل، ولا حتى بالصدفة”. لكن يوم السبت، وفي ذروة المسيرة، كانت مساحات كبيرة من هذا الشارع المكون من ثمانية حارات فارغة، ومع ذلك تشير التسجيلات العامة إلى أنه ربما كان هناك أكثر من 20 ألف مشارك، لكن بالتأكيد ليس مليون! كما يجب أن يوضع في الاعتبار أن الشرطة منعت الوصول إلى الساحة في مرحلة ما على أساس أنها مكتظة، حيث وقف العديد من المتظاهرين عند الحواجز.
لماذا تُحصي الشرطة عدد المشاركين؟
أرقام المشاركين هي دائما أرقام لها دلالة سياسية، تقريبا كل منظم لمهرجان أو عرض، سواء كان ممثلًا حكوميًا أو حزبًا سياسيًا أو معارضًا لإجراءات كورونا يحسب عدد المشاركين بسخاء مقارنة بأرقام الشرطة! مرارا وتكرارا كانت هناك مشاكل، ومرة تلو الأخرى لم تعلن الشرطة عن عدد المشاركين! من غير الواضح المعايير التي تستخدمها الشرطة لتحديد ما إذا كانت ستنشر عدد المشاركين الفعلي أم لا! يقول شرطي على دراية بالمشكلة منذ سنوات لبرلينر تسايتونج: “أرقامنا تختلف دائمًا عن الأرقام التي يذكرها المنظمين، نحن نحسب الأرقام بشكل أساسي لأغراض تكتيكية، وليس كخدمة نقدمها لأحد”! وكانت صحيفة تسايت أون لاين عنونت خبر مظاهرات السبت في برلين: “مظاهرة كورونا: أنتم الموجة الثانية”.
Photo: Amloud Alamir