البعض وصف قانون قيصر الذي دخل حيز التنفيذ في 17 حزيران/ يونيو الحالي بأنه أداة مهمة في حال تم توجهيه ضد أدوات القمع والمستغلين وتجار الحرب وليس ضد الشعب السوري. والبعض الآخر وصفه بأنه الحل الوحيد لإسقاط نظام الأسد الذي هجّر وقتل الملايين من الشعب السوري، واعتقل عشرات الآلاف من المدنيين، والذين كانت صورهم السبب وراء إظهار حجم معاناة المعتقلين والتعذيب الذي تعرضوا له في معتقلات النظام السوري.
يتفاعل السوريون من القادمين الجدد إلى ألمانيا مع ما يخص وطنهم بشكل يومي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبشكل دوري عبر التجمعات والتظاهرات والفعاليات التي ينظمونها في ساحات المدن الألمانية المتواجدين فيها. يوم الجمعة شارك عشرات السوريين من مختلف المدن السورية في ساحة 18 مارتس، بالقرب من بوابة براندنبورغ في برلين بمظاهرة للتضامن مع حراك مدينة السويداء والمدن التي تجددت فيها الاحتجاجات ضد بشار الأسد ونظامه، وكذلك للإشارة إلى الجرائم التي يرتكبها هو وحلفاؤه روسيا وإيران بحق الشعب السوري، استطلعنا آراء بعض المتواجدين في المظاهرة حول “قانون قيصر” وتفاعلهم معه..
رغيف الخبز بات حلماً!
ناديا زاعور سورية من مدينة السويداء، مقيمة في برلين منذ 5 سنوات، عايشت في سوريا السنوات الأولى من الثورة، وتعرض ابنها بحسب قولها للاعتقال وهو في الـ 13 من عمره، وكذلك ابنتيها. ترى ناديا أن قانون قيصر “سيضر الشعب أكثر من النظام” وأن الشعب السوري وفقاً لها سيكون أكثر تأثراً بعواقب تطبيق هذا القانون من النظام، لكنها تتأمل في نفس الوقت “أن يؤدي تطبيق القانون للتخلص من النظام السوري، وخاصة في ظل التجاهل العالمي للجرائم التي ارتكبها بحقنا كشعب سوري”، وحول التدابير التي تتخذها ناديا في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه سوريا، وتتأثر به عائلتها المتبقية هناك قالت: “نحاول جمع المساعدات لنجدة الأكثر حاجة من أهلنا في سوريا، وعلى الصعيد الشخصي أيضاً أرسل المال للأكثر حاجة من عائلتي، فالحياة هناك صعبة جداً، وبات حتى رغيف الخبز حلماً للبعض”! وحول الحراك الذي تجدد في مدينة السويداء، ولقي تفاعلاً كبيراً من السوريين في الخارج والداخل على حد سواء، قالت ناديا: “فوجئت بحراك الشباب في مدينتي، وأنا سعيدة جداً بهذا الحراك، وأتمنى لو كنت متواجدة هناك”.
“أستبشر به خيراً”
على العكس من ناديا، عبد الرحيم خطاب السوري الأدلبي، والمقيم في برلين منذ 5 سنوات، يستبشر خيراً بقانون قيصر. الخطاب الذي درس القانون في بلده الأم سوريا أشار إلى أنه يحسن الظن بالنص الظاهر للقانون، وهو بحسب قوله “نرحب به ونؤيده، خاصة أنه يستهدف رأس النظام وحاشيته”. ورأى عبد الرحيم أن هذا القانون جاء بعد أن عطّل الفيتو الروسي والصيني أي قرار أممي للحد من ممارسات النظام السوري وحلفائه بحق الشعب السوري، وأضاف: “على أهلنا في سوريا عدم الخوف من هذا القانون، لأنه جاء لحمايتهم”.
أما عن الإجراءات التي يتخذها عبد الرحيم للتخفيف من أعباء الأوضاع الاقتصادية التي وصفها بأنها كارثية، فقال: “بعض العائلات تتدبر أمرها من خلال معيل مهاجر أو لاجئ في أوربا أو مغترب، وهؤلاء محظوظون أكثر من غيرهم، وبالنسبة للعائلات التي ليس لديها معيل فالله كفيل بهم، وكذلك أهل الخير الذين يتبرعون لمساعدتهم”، وأوضح عبد الرحيم أن جهود المنظمات التي تعمل على مساعدة الشعب السوري خجولة جداً.
الانهيار الاقتصادي أرحم من البراميل والكيماوي
بدوره أنس علاوي، سوري من مدينة دير الزور، يرى أن الانهيار الاقتصادي تسبب به النظام السوري، موضحاً أن هذا الانهيار وقع حتى قبل تطبيق وإقرار قانون قيصر. علاوي المقيم في برلين منذ 4 سنوات، ويعمل في الاتحاد الرياضي ببرلين، كمدرب لمدربي الأطفال في كرة القدم، يعتقد أن بداية تطبيق قانون قيصر هي “بداية نهاية النظام” وأنه كمعارض للنظام في الخارج يدعم هذا القانون لسببين: “الشخص الذي تسبب بإصدار هذا القانون وهو الذي أوصل للعالم عشرات آلاف الصور للمعتقلين، والثاني أنه تم فرضه لتخليص المدنيين من معاناتهم جراء تسلط النظام السوري، وإخراج المعتقلين” وأوضح علاوي: “الشعب السوري يحاول منذ سنوات إسقاط النظام وبكل الأساليب لكننا لم نستطع ذلك، فجاء هذا القانون ليعيد إلينا بعض الأمل”.
برأي علاوي لا فرق لدى الشعب السوري بين المعاناة المتوقعة جراء تطبيق قانون قيصر، أو الكارثة التي يعيشونها جراء وجود نظام قمعي متسلط في الحكم، ففي الوقت الذي لم يكن فيه انهيار اقتصادي كان هناك براميل وكيماوي واعتقالات! وأشار علاوي إلى أن النظام يسرق من المساعدات التي يرسلها سوريو الخارج إلى أهلهم في سوريا، ويضيف: “نتعرض للسرقة من قبل النظام، وذلك عبر سعر الصرف، فعندما يصل المبلغ إلى سوريا، يتم صرفه بحسب سعر البنك المركزي السوري التابع للنظام، والذي يختلف كثيراً عن أسعار مكاتب الصيرفة الأخرى”!
أنا مع قيصر ولست مع القانون
هبة التي كانت تتوشح براية الثورة السورية، والمقيمة في ألمانيا منذ 4 سنوات، وتبلغ من العمر 19 سنة، توافق ناديا بموقفها من قانون قيصر، ولخصت الأمر بقولها: “أنا مع قيصر كشخص، ولكنني ضد القانون” وبرأيها أن هذا القانون سيكون قاسياً جداً على الشعب السوري. لكنها تقول أيضاً: “في حال كان هذا القانون هو الحل لإسقاط النظام، فأنا أتمنى أن يطبق حالاً، لكن لا يوجد ضمانات بأنه الحل”، وحول التدابير التي تتخذها عائلتها لمساعدة الأهل في سوريا فحالها كحال البقية يقومون بإرسال الأموال لعائلاتهم هناك. وأضافت هبة أنها تسلط الضوء عبر الانترنت على الأوضاع في سوريا ومعاناة الناس هناك وهذا بحسب قولها ما تستطيع تقديمه.
من هولندا إلى برلين
لم تقتصر المظاهرة على السوريين المقيمين في برلين وألمانيا ككل، فإيهاب يوسف المقيم في هولندا جاء خصيصاً للمشاركة في هذه المظاهرة: “جئت لأشارك أخوتي السوريين بهذه المظاهرة دعماً للثورة السورية، وكل المدن الثائرة من السوايدء جنوباً إلى أقصى الشمال” وبحسب إيهاب سوريا الآن تعيش أوقاتاً صعبة للغاية، وعلى السوريين خارج سوريا أن يقفوا مع أهلهم هناك، سواء من خلال مثل هذه التظاهرات والتجمعات وكذلك بجمع المساعدات! وبالنسبة لإيهاب المهم أن يسقط نظام الأسد سواء “بقانون قيصر أو قانون عمر سليمان” في إشارة إلى المغني الشعبي السوري المعروف.