أُطلق الأسبوع الماضي حزب سياسي سوري جديد بقيادة السيدة ياسمين مرعي وكان لأمل برلين هذا اللقاء معها..
كيف بدأت فكرة تشكيل الحزب؟
بدأنا منذ ثلاثة سنوات كلقاء سوري، وفي السنة الماضية بدأنا نتلمس بوادر أن هذه اللقاءات ستأخذ شكلاً سياسياً، لذا قمنا بالتصويت للانتقال لمرحلة جديدة وأن نصبح حزباً سياسياً. وكون فكرة الحرية هي الفكرة الأكثر طرحاً في سوريا خلال السنوات الأخيرة، كان اسم أحرار هو الأقرب لنا ليعبر عن فكرنا وتوجهنا السياسي والعاطفي تجاه ما يحدث في سوريا منذ عام 2011 وحتى الآن.
كان عدد المرشحين للقيادة 7 أشخاص، وفزت بالتصويت لأكون الرئيسة الأولى للحزب. عقدنا المؤتمر التأسيسي عبر الإنترنيت، إذ من غير المتاح انعقاده على الأرض السورية، اجتمعنا من الداخل السوري ومن دول مختلفة في المنطقة المجاورة لسوريا، وأوروبا وكندا. عُقد المؤرتمر وتم خلاله التصويت على النظام الداخلي وعلى رؤية الحزب السياسية وعلى القيادة.
نحن مصرون في هذه المرحلة أن لا تكون هناك أي موارد مالية من أي جهة خارجية وهذا يعني أن تواصلنا سيبقى عبر الإنترنت، حتى تتغير الظروف، ونتمنى أن تكون هناك فرصة للقاء الفيزيائي. ونحن في مرحلة تأسيس للبنيان الداخلي للحزب.
ما هي أهداف الحزب، وهل باب الانتساب مفتوح؟
باب الانتساب مفتوح بحذر عن طريق التزكية من ضمن أعضاء الحزب، لكن تركيزنا الآن هو على تفعيل عمل الحزب على الأرض من خلال الأنشطة. ليس لدينا طروحات حالمة، ويهمنا أن نتعامل مع الظرف الحالي لسوريا كما هو، ووفق قدرتنا على التعاطي معه، فنحن لا نعيش في وضع طبيعي تخوض فيه القوى السياسية انتخابات حرة. نحاول في الوقت الحالي أن نتعاطى مع خططنا وطموحاتنا على هذا الأساس، دون رفع سقف تلك الطموحات.
وعليه، باستطاعتنا أن ننشط إعلامياً وأن نشتغل بشكل أساسي على تنظيم لقاءات وفعاليات مع السوريين في كل مكان. على أن الرغبة في المشاركة بهذه الفعاليات غير مشروطة بالعضوية في الحزب. “أحرار” لديه توجه لتعزيز الفعالية والحوارات السياسية، والاطلاع على ما يجري عن كثب. ولحشد الرأي تجاه ما يجري في سوريا، فمن الضروري رفع الصوت السوري دولياً أكثر وأكثر.
نستند في أهدافنا بشكل أساسي على الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وأن تكون المرجعية القانونية مستقلة. نحن معنيون جداً بحرية الأفراد وبالمساواة ومعنيون كذلك على المدى البعيد بتفعيل تحولات حقيقية على مستوى الاقتصاد بما يتسق مع التوجهات التحررية الاجتماعية للحزب. نطمح لأن تكون هناك تحولات سياسية قريبة في سوريا، لا يكون نظام الأسد جزءاً منه، لكن هذا التغيير يجب أن يحقق المساواة والحريات الفردية، التي هي من أهم الركائز التي نعمل عليها.
هل يمكن أن تخبرينا عن الفئات المشاركة في الحزب؟
الحزب يضم أكثر من 30% من النساء، ونصف أعضاء الحزب تحت سن الـ 35 سنة، أي أنه حزب شاب. نحاول في “أحرار” أن تثبيت المرأة في موقعها الأساسي في الثورة وتعزيز دورها الذي تقوم به منذ بدايات الثورة كشريكة فاعلة في التغيير، ولهذا فإن قيادة “أحرار” مناصفة بين الرجال والنساء، إذ يشغل الزميل خالد بيطار منصب نائب رئيس الحزب، وكان له دور أساسي في وضع الرؤية السياسية لأحرار. نحن نسعى للمساواة الحقيقية في الفرص التي يجب أن تبدأ من جسم الحزب حتى تأخذ شكلاً أوسع.
كيف هو شكل سوريا الذي يسعى له حزب الأحرار؟
نرغب أن تكون سوريا المستقبلية علمانية وموحدة، تكفل حريات للأفراد والمساواة بين كافة الأجناس والأعراق والطوائف والإثنيات. ونحن نتحدث عن فصل الدين عن الدولة وليس عن المجتمع. نحن لا نصادر الآخر، كما نؤمن بسوريا موحدة.
هل هذا يعني أن الحزب لا يؤمن بدولة فيدرالية؟
نحن مع لا مركزية الدولة، لكننا لا نرى بأن الفدرالية تقدم حلولاً للمشاكل الراهنة. الأمر يمس حساسية القضية الكردية وهي قضية وطنية ملحة بالنسبة إلى “أحرار”، وهنالك ضرورة للتعامل معها بإنصاف.
ماذا تقصدين بالإنصاف؟
الإنصاف بمعنى احترام حقوق الكرد الفردية والجمعية ضمن حدود سياسية لم نخترها ولكننا محكومون بها.
واللغة؟
عندما نقول إننا نحترم الحريات الفردية، فهذا يعني حكماً احترام لغات المكونات المختلفة في سوريا. الوضوع الكردي له أبعاد مختلفة، لكن لماذا لا تكون اللغتان الكردية والعربية لغتين معتمدتان في آن معاً، لم لا؟
ألهذا شعار الحزب مكتوب بأربع لغات؟
في لوغو الحزب أخذنا باعتبارنا الاثنيات الموجودة في سوريا، عندما نتحدث عن مواطنة، لا يكون هناك أي فرق بين أي مكون إثني أو طائفي في سوريا ومكون آخر، الجميع متساوون. لذا اخترنا أن نكتب اسم الحزب باللغات الأربع: العربية، السريانية، الكردية والإنكليزية كونها لغة عالمية. للأسف لم يتسع اللوغو للغات أخرى مستخدمة في سوريا ويجب أن تحظى بنفس الأهمية.
ما هي القضايا الإشكالية التي تواجه الحزب؟
في الظرف السوري الحالي، هناك تحدٍّ هائل يتمثل في عدم قدرتنا على العمل على الأرض بشكل علني، بما أننا حزب واضح الهوية ضد النظام السوري بعنفه وبسلوكه العدواني تجاه حريات الأفراد. كما أن الفاعلية على المستوى الدولي تمثل تحدياً كبيراً، فالمجتمع الدولي قام بمحاصرة المعارضة في مواضع كثيرة ولم يتعاطى معها على أنها ند للنظام السوري.
هل كانت المعارضة موحدة لتكون نداً للنظام؟
من المؤسف أن المعارضة انتهت بمحسوبيات، فهناك تحزبات سياسية وعسكرية، فضلاً عن الاحتلالات الموجودة الآن على الأرض السورية. المجتمع الدولي لم يسقط النظام السوري سوى كلامياً في مراحل سابقة، وظل يتعامل معه ويشرعن وجوده، أما المعارضة فقد منيت بأكثر من هزيمة. فقد قسمت القوى السياسية والعسكرية المعارضة حسب القوى الداعمة. كل ذلك يعني يقول بوضوح إن قرار التغيير السياسي أكبر بكثير من إمكانية المعارضة كلها حتى وإن اجتمعت. نحن نحاول حماية أنفسنا قدر الإمكان في هذه المرحلة بأن لا تكون هناك تبعية لأي جهة، وبالتالي العمل الآن متركز على بنية الحزب الداخلية وكيف يمكننا أن نكون فاعلين. نحن على يقين أن الطريق طويل، لكنه يستحق كل التضحيات الممكنة.