Photo: Amloud Alamir
26/10/2019

الباحث خزعل الماجدي وبنية الأديان وتطورها عبر العصور

قد لا يتفق البعض مع فكرة أن الدين أتى من الخوف، الخوف السلبي. جاء الدين ليحل مشكلة خوف الانسان أمام ما يجهله، من مظاهر طبيعية لايستطيع فهمها أو من الحيوانات المفترسة أو من الأسئلة الكبيرة التي يصعب الاجابة عنها. يتحول الدين الى الحامي من ضغط الكون ووزنه المهول، وقد يكون بحث الإنسان عن العزاء ما بعد الموت جعله يؤمن بالله ليمنح الإنسان الراحة، ويقدم له مبررات الوجود، هذا مايعتقده الباحث العراقي الدكتور خزعل الماجدي. يأسف الباحث لعدم إعطاء أهمية كبيرة لعلم الأديان في العالم العربي وغيابه بالفكر العربي. يفسر ذلك قائلاً: “هذا الاختصاص مخيف من ناحيتين، حساسية الحديث عن الدين في مجتمعاتنا، وكذلك ضحالة المتوفر في اللغة العربية فهو يحتاج لقراءات كثيرة وبلغات متعددة بالاضافة للمنهج”.

مكونات الدين

طريقة الماجدي تعجب العديد من الناس بغوصه في التاريخ وتلمسه للبذور الأولى للديانت القديمة وكيفية تطورها بطريقة لاتحمل أي نوايا مسبقة. الماجدي قال أثناء زيارته لبرلين: “ليس لدي نية لإهانة دين وأن أكون منشاراً فيه، لا أقبل ذلك، وأعرف لكل دين مريدينه، أنا وجدت طريقي بالتحليل العلمي وهي وجهة نظر لشخص أكاديمي يعمل بطريقة علمية بدون ايديولوجيا، فأنا لست متحزباً لشيء، أنا أمام مسؤولية بأن أستمر بالتنوير، فالناس بحاجة للحقيقة العلمية الصحيحة والبسسيطة”.

يطرح الدكتور الماجدي تعريفه الخاص للدين بأننا لا نسميه ديناً إلا إذا وجدت له 4 مكونات ثانوية و4 أساسية، ومن وجهة نظره فالدين يحتوي على 4 عناصر هي (المعتقدات، الأساطير، الطقوس، الأخرويات). الدين دائماً لديه وجهة نظر في مابعد الموت، تسمى سكاتالوس أي علم الأخرويات. ويضيف الماجدي: “تناظر المكونات الأساسية 4 مكونات ثانوية وهي الشرائع والأخلاق مقابل العقائد والسير المقدسة، كسير الأنبياء والأولياء والقديسين، مقابل الأساطير ومقابل الطقوس هناك الجماعة والطائفة فهل هذه الديانة فيها مجموعة واحدة أم أنها طوائف، بالإضافة لوجود طوائف فكرية ودينية وسياسية داخل الدين، وداخل كل جماعة هناك الأسرار والباطنيات، وهي موجودة في كل دين ولا يُعدّ هذا الأمر سُبّة، فهي الأفكار المرتبطة بالخوارق التي يحاول الانسان ممارستها من خلال الدين. هذه المكونات يجب أن تشتغل مع بعضها ليكونوا ديناً متكاملاً، ما عدا ذلك تكون تيارات، فالتيارات أشباه دين أو أديان ناقصة المكونات، وعادة لا تأتي بقرار، تأتي مع زمن طويل من الممارسة، لذلك نجد ان الديانات المكتملة استغرقت آلاف السنين لتتكون وتتخمر، أما التيارات فهي بنت زمن قصير وهذا فرق كبير”.

50 كتاب حول المعتقدات والأديان

لم تكن عودة الماجري الى وطنه موفقة، ولم تتحق رغبته الكبيرة بأن يشارك باعادة بناء العراق وهو داخلها، يقول: “كنت في ليبيا أدرس بالجامعة، عندما صار التغيير في العراق عدت على أمل أن أكون قادر على تقديم شيء لبلدي، بعد فترة صدمت بان الحياة ليست وردية، ووصلت للذروة بعد اختطاف ابني من قبل قوى إرهابية في العراق، حدث ذلك منذ 13 عاماً، كان عمر ولدي 23 سنة، ولم نستلم عنه شيء. لذا قررت مغادرة العراق، كنت في عمر الخمسين وأتيت الى هولندا عن طريق التهريب، لأشتغل بانتظام شديد وبجدولة ممتازة لأنجز 50 كتاب بالمعتقدات والأديان ومواضيع أخرى”.

يعد خزعل الماجدي، المولود في كركوك عام 1951، من أبرز الباحثين العرب في علم وتاريخ الأديان والحضارات القديمة، وهو شاعر وكاتب مسرحي صدرت له “الأعمال الشعرية” في ستة أجزاء. كما وضع الماجدي 12 كتاباً في علم وتاريخ الأديان، وعشرة كتب عن تاريخ الحضارات و12 كتاباً في المثيولوجيا، إضافة إلى مؤلفات إبداعية أخرى بالشعر والأدب، وهو يعمل على موسوعة عن تاريخ الحضارات وصولاً إلى الحاضر، أصدر منها أربعة أجزاء إلى الآن.

Photo: Amloud Alamir