Photo: Amloud Alamir
26/09/2019

الكاتب أمين معلوف وملامح لـ “غرق الحضارات”

هل يمكن لبصيرة الكاتب أمين معلوف أن تكون ثاقبة الرؤية وقادرة على التنبؤ بما سيحدث في المستقبل؟ فكتابه الجديد والذي بعنوان “غرق الحضارات”، يحمل في طياته الكثير من التشاؤم، ويشير الى اندثار الكثير من الحضارات. لايستبعد معلوف موت أو غرق حضارات بأكملها نتيجة التغييرات، تماماً كما حدث بسفينة التيتانك. يوجه الكاتب دعوة للانتباه الى الظلام الذي يعم العالم، ويلفت النظر إلى احتمالية غرقنا كشعوب إن بقينا في حالة حنين للماضي ومحاولة العيش المستحيلة فيه.

أهمية الوعي

يرفض معلوف اتهامه بالتشاؤم قائلاً لأمل برلين: “علينا اليوم أن نحاول تفادي الانهيارات في بلدان كثيرة من العالم، والتساؤل قائم ان كان فعلاً سيستطيع العالم تفادي هذه الانهيارات. لست متأكد، هناك تخوف من المستقبل ولكني لست يائس، وإلا ماكتبت كتابي الجديد (..) المهم ان يكون الشخص واعٍ للمجتمع الذي يعيش فيه ويحاول تغييره في اتجاه التعايش مع الآخرين وليس باتجاه الصراعات، حتى وان كانت هناك فترات فيها ردّات إلا أن الأمور ستتغير، فبعد فترات التقوقع هناك انفتاحات جديدة تأتي، وعلى الانسان أن يبقي عينيه مفتوحتين دون أن ييأس، فالطريق طويل لتجديد قوتنا”.

غرق الحضارات

يطرح الكتاب قضايا كثيرة مثل التغير المناخي وأزمة اللاجئين المرتبطة بالزمن الحالي، وحتى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي وتلاشي الحلم الأوروبي، حيث كان هذا الاتحاد من وجهة نظر معلوف قارب النجاة للعالم، لكنه يغرق الآن أيضاً. تدهور الديمقراطية أيضاً في الولايات المتحدة الأمريكية وفي البلاد عامة بعد قدوم ترامب وصعود الرأسمالية، يشير الى تحطم السفينة الأخلاقية التي كانت من الممكن ان تحمل نجاتنا. يقول معلوف لأمل برلين: “الرأسمالية وعدم المساواة التي يعاني منها الكثير من الناس يقود لغرقنا، وأنا كعربي لست الوحيد المعني بغرق الحضارات ولكن معظمها في حالة ضياع، هناك مايجعلني قلق ودفعني للبحث، كالحركة الاقتصادية للدول، ولكن أكثر ما استفزني للبحث هو طريقة التعاطي لكل بلد مع الآخر، رأيت الكثير من المعاناة، وهذا محبط جداً”.

التحولات وقمقم الماضي

حاول معلوف في كتابه تحليل تلك التحولات التي حدثت للعالم والاختلال الذي تعاني منه الدول قائلاً: “حاولت تحليل تحولات مرحلة السبعينيات وخصوصيتها الحاملة للكثير من المعاني، وتوضيح تلك التغيرات وما أدى لصعود شخصيات مثل مارغريت تاتشر، ريغن، الحرب في أفغانستان، مجيء البابا من بولندا، الاسلام السياسي، دور ايران وثورتها التي أدت الى قيام الجمهورية الاسلامية وترسيخ الشرخ السني – الشيعي، وتراجع اليسار الذي أدى الى تطور الحركات اليمينية”.. كما أشار الى المفارقة بين ماحققته دول مثل الصين واليابان، مقارنة بالبلدان العربية التي ما زالت في قمقم الماضي.

الهوية والتحديات العالقة

يمعن معلوف النظر بأحوال العالم في زمن العولمة، ليعود ويذكر بالظاهرة العالمية والهاجس الدائم للكثيرين “مسألة الهوية”، والتغييرات التي طرأت على الهوية الفردية والجماعية، المركبة أو القاتلة وبمقدرتها على الانفتاح على بعضها البعض، أو التقوقع على نفسها قائلاً: “كل شيء يتعلق بالهوية، وكيف تطورت وما آلت اليه، الموضوع صعب لا توجد حلول جاهزة، منذ 20 سنة كتبت عن الهويات القاتلة، وهي من التحديات التي تواجهنا منذ القرن الماضي ومازالت حتى الآن، في منطقتي في لبنان هناك ثلاثة أديان مختلفة، سابقاً كان هناك شكل من التعايش فيما بينها، أما الآن فهناك صراعات وقتالات مرتبطة بالماضي الطويل، شيء ما يحركها الآن”.

صدر الكتاب الجديد لمعلوف مطلع ربيع هذا العام عن دار “غراسي” في باريس، وتتم ترجمته للعربية، حيث وعد معلوف “خلال ثلاثة أشهر ستكون الترجمة للغة العربية جاهزة”. الجدير بالذكر أن أمين معلوف الذي ولد في لبنان عام 1949، رحل مع اسرته نتيجة الحرب الأهلية اللبنانية الى باريس، ليعمل في عدة صحف ومجلات عربية وفرنسية. وكانت أعماله تُرجمت إلى لغات عديدة ونال عدة جوائز أدبية فرنسية، منها جائزة الصداقة الفرنسية العربية عام 1986 عن روايته “ليون الأفريقي”، بينما روايته “صخرة طانيوس” حازت على جائزة الغونكور الفرنسية عام 1993.

Photo: Amloud Alamir