03/09/2019

قصة اسم: الأعاصير مابين القديسين والنساء

وراء كل اسم قصة وحكاية، هذا ما جعل هاشتاغ قصة اسمي يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي تويتر وفيس بوك بعد أن لاقى تفاعلاً كبيراً، شارك فيه الكثير من المشاهير قصة أسمائهم. فمن منا استطاع أن يختار اسمه، ومن منا أحبّ اسمه أو راودته فكرة تغييره؟ تلك القصص تقرب المسافة مابين الراوي والمستمع، وكأن بعداً آخر يتكشف، هذا الإسم الذي يرافقك أينما ذهبت كظلك الأزلي، حتى تختفي شمسك. لكن لبعض الأسماء وقع خاص مقترن بعاصفة أو بصحو .. من منا لا يتذكر اسم كاترينا، فهو مقترن بأكثر الأعاصير دموية وأكثرها ضرراً، ويُعد أحد أعنف خمسة أعاصير في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. أما غونتر الذي اقتلع الأشجار من أماكنها في ألمانيا لم يصل الى مستوى كاترينا لذا لايذكره الكثير من الناس، فهل تعلم كيف تأتي هذه الأسماء ومن يمتلك هذا الحق ليطلقها على تلك الظواهر الطبيعية؟

بداية القصة

بدأ هذا التقليد منذ أيام الحرب العالمية الثانية، ونتيجة حدوث تزامن لعدة أعاصير في نفس الوقت، وللتمييز فيما بينها قامت دائرة الطقس الأمريكية بتسميتها بأسماء إناث حسب الترتيب الأبجدي. وعلى هذه الأسماء أن تفي بالمتطلبات المختلفة فيجب أن تكون سهلة التذكر، وأن تكون مرتبة أبجديًا. في كل عام يعد خبراء الأرصاد الجوية قائمة تضم 21 اسمًا ممكنًا. بعد الإعصار المميت “كاترينا” لن يكون هناك إعصار آخر بهذا الاسم. حيث يتعين على خبراء الأرصاد التوصل إلى أسماء جديدة يتم تخزينها في قاعدة بياناتهم الخاصة لعواصف المحيط الأطلسي، كما أوضح مارك أوليفر من المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) في جنيف. فمجرد أن يسبب الإعصار أضرارًا كبيرة وموتًا، لن يتم استخدام الاسم مرة ثانية.

استمرت تسمية الأعاصير المدمرة لمئات السنين باسم القديسين لكن في نهايات القرن التاسع عشر، وفقًا للخدمة الوطنية للأرصاد الجوية ، بدأ أخصائي الأرصاد الجوية الأسترالي كليمنت راغ في إعطاء أسماء أنثوية للعواصف المدارية. في الحرب العالمية الثانية، تم نشر الاسم أخيرًا، خاصة بين خبراء الأرصاد الجوية في سلاح الجو والبحرية، الذين اتبعوا طريق العواصف فوق المحيط الهادئ، وكان “أليس” اسم العاصفة الاستوائية الأولى التي تحمل اسم شخصي.

الاعصاران “فيفيان وفيبكي”

تبنت برلين لاحقاً اقتراح الطالبة في معهد الأرصاد الجوية في جامعة برلين الحرة كارلا فيج في عام 1954، حيث يتم تزويد مناطق الضغط العالي بأسماء الذكور، ومناطق الضغط المنخفض بأسماء الإناث. كان ذلك معروفاً ضمن حدود مدينة برلين. لكن في عام 1990، اجتاحت المانيا العديد من العواصف، في تلك الأثناء أثار المنخفضان المتتاليتان من الإعصار “فيفيان وفيبكي” اهتمام الجمهور وتسببتا في ضجة كبيرة في ألمانيا والمنطقة المحيطة بها بسبب أضرارهما الهائلة، وصارت وسائل الإعلام على علم بتلك التسميات لتصبح قياسية. مما دفع الكثير لإنتقاد استخدام أسماء الإناث للمنخفضات، والذي يُعدُّ تمييزاً ضد المرأة، ليكون عام 1998 عاماً مفصلياً بالنسبة للأسماء فقد تم تغيير جنس الاسم لمناطق الضغط العالي والمنخفض وذلك بالتشاور مع دائرة الطقس الألمانية لتكون دورة متغيرة سنوياً. في السنوات الزوجية، تحمل المناطق ذات الضغط المنخفض أسماء الإناث والمناطق ذات الضغط العالي أسماء الذكور. وفي هذا العام 2019 ، كانت أسماء المنخفضات تحمل أسماء الذكور، أما مناطق الضغط العالي من نصيب الإناث.

هذا ينطبق أيضاً على الجيران الأوروبيين، فإذا وصلت العاصفة إلى الحدود السويدية، يُسرع المعهد السويدي للأرصاد الجوية لتسميتها وفقًا لقائمة أيام الاسم في التاريخ الحالي. كذلك في النرويج، أو الدنمارك، وقد أقروا اتفاقاً فيما بينهم أن من يبدأ المنخفض أو المرتفع الجوي على أراضيه هو صاحب الأسم ويرافقه حتى وإن انتقل الى الدولة المجاورة.

نظام التسمية في البلاد العربية

لم يتم تطوير نظام تسمية للظواهر الطبيعية في البلاد العربية، ليس لأن الذكورة العربية لها هيبتها، ولاتسمح بالمساواة مع أسماء الاناث، وليس السبب ان لبعض الأسماء العربية طريقة لفظ موسيقية تصعب على دائرة الأرصاد الجوية العالمية لفظها، السبب حقيقة هو أنه من النادر أن تحدث قيعان قوية للعواصف في تلك المنطقة، والأكثر شيوعًا هي قاع البحر المتوسط النموذجي الذي يجلب المطر، لذلك ليست هناك حاجة تذكر لتعيين أسماء.

عراب الطقس

قد لا يدري البعض بوجود موقع يمكنك التسجيل فيه لتكون “عراب الطقس”. يستطيع أي شخص أن يقدم اسمه ليكون من تلك الأسماء المجدولة كاسماء للظواهر الطبيعية أو للضغط الجوي المرتفع أو المنخفض. وقد يصبح الاسم فيما بعد على شفاه الجميع اذا تطور الوضع.. ويمكن لكل شخص أن يتخيل اسمه يلفظه الناس بحنق أو بفرح. الجدير بالذكر أنه يمكنك أيضاً بيع الاسم بمبلغ يصل الى 299 يورو للعالي و 199 يورو للمنخفض. فمناطق الضغط العالي لها عمر أطول بكثير وبالتالي تظل لفترة أطول على خرائط الطقس. وهو أكثر تكلفة كونه أكثر شيوعاً، لكن منذ عام 2014 أصبح هناك ضريبة القيمة المضافة 19% وعلى الشخص دفعها. سيبدأ الترشيح لعام 2020 في 25.09.2019 في الساعة 00:00. فهل سيكون لإسمك قصة يحكيها الآخرون، أم أنك ستكتفي بقصتك أنت!