Photo: Epd Bild/Stefan Arend
14/08/2019

عذراً سيدة “آتيش” بل هي حرية دينية!

” ما هو حجم الألم الذي شعرت به تجاه حدث الصلاة في الهواء الطلق الذي نظمته Neuköllner Begegnungsstätte التي لها صلات مع الأخوان المسلمين؟” هذا السؤال وُجه  لسيران آتيش المحامية ومؤسسة مسجد ابن رشد غوته الليبرالي في موابيت. من السؤال الأول يتضح هدف المقابلة، حيث استخدم الصحفي فرانك باشنر كلمة” Bauchschmerzen” للتعبير عن شعور آتيش تجاه الدعوة للصلاة في تيمبلهوف من قبل جمعية على صلة بالإخوان المسلمين. للوهلة الأولى ظننت أنني أقرأ مقالاً أو مقابلة في الإعلام السعودي، أو السوري، أو المصري. الذي غالباً ما يتسخدم اسم تنظيم الأخوان المسلمين للإشارة إلى الجرائم، والإرهاب، بسبب الخلافات الإيدلوجية بين أنظمة هذه البلدان وحركة الأخوان. لكن المصادفة أنها مقابلة في صحيفة تاغسشبيغل.!!
لم يختصر الأمر على ذكر  صلات المنظمة التي نظمت الحدث في تيمبهلوف بالأخوان المسلمين، بل تعدى ذلك للحديث عن قطر وتركيا بالاسم خلال إجاباتها على الأسئلة الأمر الذي يثير الكثير من الاسئلة حول الرسائل التي ترغب آتش بإيصالها، وهل يا ترى هي ذاتها رسائل الممولين لمؤسستها التي أثارت جدلاً واسعاً في المجتمعين العربي والإسلامي..!؟ وخاصة إذا ما عرفنا أن هذه المؤسسة تتلقى دعماً منقطع النظير.

بل هي حرية دينية

آتش وخلال اللقاء قالت أنها ضد الفصل بين النساء والرجال خلال الصلاة، وأن هذا يتعارض مع المطالبة بالمساواة بين الرجال والنساء، وكذلك ينافي الحقوق الأساسية للإنسان، كما انتقدت من يدرج مثل هذه التصرفات تحت ” الحرية الدينية”،  وذكرت حين سألها الصحفي عن موقفها من حزب الخضر في برلين الذي دعموا هذا النشاط، مثالاً حول إذا كان السياسيون في برلين سيسمحون بمثل هذه الأنشطة لليمين الألماني.!!
وكأنها تود تضمين رأي يجمع بين المسلمين واليمين الألماني، ناهيك عن اتهامها لللمصلين في تيمبلهوف أنهم يمثلون الهوياتية الإسلامية، التي تتبناها المنظمات الإرهابية، والتي أجمعت كثير من الأبحاث والدراسات على بعدها الكامل عن تعاليم الدين، واعتمادها تفسير للقرآن يوافق تطلعاتها السياسية والاجتماعية.

لا تنهى عن خلقٍ وتأتي بمثله…

ناهيك عن أن انتقاد آتش للفصل بين الجنسين في الصلاة، يشابه انتقاد المسلمين الآخرين لها للجمع بينهم، وتعيين امرأة في الإمامة، وكأنها تود القول أنا لي الحق بانتقادهم، لكن ليس لهم الحق بانتقادي. وتبرير ذلك بأنها تدافع عن المساواة كحق أساسي من حقوق الإنسان.
وكأن صلاة الجنسين مع بعضهم في الحرم المكي قرب الكعبة هو محض خيال أو ببروغندا إسلامية، مع أنه يمكن للمرء أن يشاهدهم يصلون إلى جانب بعضهم البعض من خلال تسجيلات الفيديو التي تنتشر كثيراً خلال موسم الحج. مع أنني أرى- هذا رأيي- أن الصلاة هي الشعيرة التي يتساوى فيها الجميع سواء بالطبقات الاجتماعية، والأنواع الجندرية. فهم يؤدون نفس الحركات، على نفس السجادة، دون تفريق لا بلون ولا بقومية ولا بجنس ولا بمكانة اجتماعية.

نعم نحن أقلية.. لكننا بشر

وفي نهاية اللقاء وصفت آتش قانون منع لحم الخنزير في أحد مراكز الرعاية النهارية في مدينة لايبزغ من أجل طفلين مسلمين ” هيمنة الأقلية” حيث انتقدت منع تناول لحم الخنزير من أجل طفلين فقط. وكأنها تود القول أن المسلمين أقلية في المانيا” وهم كذلك”، ولا يجب أن نغيّر شيء من أجلهم. وبهذا هي لا تختلف كثيراً عن الدعاية اليمينية التي اختصرت الإسلام في ملصقاتها الانتخابية بالبرقع….
ما أود قوله أن حكومة برلين والداعمين لحدث صلاة العيد في تيمبلهوف رأوا تنوع المدينة، وما صلاة المسلمين في تيمبلهوف بمكان عام سوى صورة تعكس هذا التنوع البرليني. واحترام لأساسيات لا أرى أبداً أنها تتناقض مع الحقوق الأساسية للإنسان، بل هي تندرج تحت مسمى الحرية الدينية التي يضمنها الدستور الألماني. ناهيك عن أن انتقاد التفاوت بين الرجال والنساء في الأجور وساعات العمل في ألمانيا بالعموم هو أولى أن يُناقش ويُطرح على الطاولة بدل أن نضيع وقتنا في نقاش ما يضمنه الدستور وهو الحرية الدينية. وما حدث في تيمبلهوف ليس إلا صورة جميلة من صور  ألمانيا التي يريدها الكثيرون.

Photo: Epd Bild/Stefan Arend