©Asmaa Yousuf
26/04/2019

دراسة جديدة تبحث انتشار الفكر اليميني والنظرة للديمقراطية

هل تنتشر الأفكار اليمينية بكثرة وسط المجتمع الألماني؟ كيف يرى أفراد المجتمع الألماني الديمقراطية؟ ما هو وضع نظرية المؤامرة في فكر الألمان؟ هل مازال هناك تخوفات من معاداة السامية؟ كيف يرى الألمان المهاجرين؟ هل يقبل المجتمع المسلمين؟ هذه وغيرها الكثير من الأسئلة حاولت دراسة تخطت الثلاثمائة صفحة إيجاد إجابات لكل هذه الأسئلة، وذلك تحت عنوان: “Neue “Mitte-Studie”: Verlorene Mitte – Feindselige Zustände. Rechtsextreme Einstellungen in Deutschland 2018/19″

الدراسة مقدمة من كل من مركز دراسات فريدريش إيبرت شتيفتونج FES بالتعاون مع معهد أبحاث الصراع والعنف متعدد التخصصات التابع لجامعة بيليفيد IKG، حيث دمج بحث مؤسسة إيبرت الذي اعتادت القيام به كل عامين مع البحث طويل الأجل الذي يعمل عليه معهد دراسات الصراع منذ عام 2002، في محاولة لرصد انتشار الآراء المتطرفة والمعادية للإنسانية والآراء المعادية للديمقراطية في المجتمع الألماني. استخدمت الدراسة ضمن أدواتها استطلاعات الرأي التي أجرتها مع 1890 مواطن ألماني، وعرضت المؤسسة نتائج البحث خلال مؤتمر صحفي حضره البروفيسورة بيآته كوبر من جامعة نيدرراين للعلوم التطبيقية، وبروفيسور أندرياس تسيك من مركز دراسات الصراع والعنف بجامعة بيليفيلد، وفيلهيلم بيرغان من جامعة بيليفيلد، وفرانسيسكا شروتر “مشروع ضد اليمين” من مؤسسة فريدريش إيبرت.

استقرار التوجهات المتطرفة عند مستوى منخفض

أظهرت الدراسة أن حوالي 3% من العينة يمكن وصفهم بالمتطرفين اليمينيين، مع زيادة ملحوظة في الشرق منذ عام 2016، وهناك حوالي 13% لديهم توجهًا شوفينيًا من خلال قولهم: “ألمانيا يجب أن يتم منحها القوة والصلاحية التي تستحقهما”، بينما ذهب 8% إلى أبعد من ذلك، حيث يرون أن “الألمان بطبيعة الحال هم أكثر الشعوب تفوقًا”.

معاداة الأجانب وشكل جديد لمعاداة السامية

سجلت الدراسة انخفاض نسبة التحيز الجنسي والتحيز ضد المشردين وضد المعاقين، إلا أن ذلك لم يمنع ارتفاع أعداد الراغبين بتقليل استقبال طالبي اللجوء على الرغم من انخفاض توافد اللاجئين بالفعل خلال العامين الماضيين، وأشارت بيآته كوبر إلى أنه تقريبًا نصف العينة طالب بتخفيض استقبال اللاجئين رغم رؤيتهم ان استقبال اللاجئين في السابق كان أمرًا جيدًا. بينما انخفضت نسب معاداة الأجانب (19%) والمسلمين (19%) والروما (26%) مقارنة بالسنوات السابقة، فيما ظلت معدلات معاداة السامية والاعتقاد في أساطير المؤامرة مستقرة عند 6%، إلا أن الدراسة أشارت لشكل جديد من أشكال معاداة السامية متمثلًا بمعاداة إسرائيل وهو ما يمثل 24% من العينة.

الصغار أقل عنصرية

أكدت الدراسة على أن الشباب وصغار السن أقل تطرفًا وميلًا إلى اليمينية من كبار السن، بالإضافة لقيامهم بالتقليل من توجهات اليمين المتطرف، لكنها لم تبدي تفاؤلًا بهذا الشأن. كما بينت ارتباط التحيزات اليمينية بالآراء والتوجهات السياسية اليمينية المتطرفة، حيث ازداد الموقف السلبي من طالبي اللجوء (38%) بشكل عام، مع زيادة النسبة في الشرق إلى 43%.

المزيد من التشدد في المواقف الشعبوية

%21 من عينة الاستطلاع أظهرت مواقف يمينية شعبوية متطرفة، بينما أظهر 42% ميلًا للتوجهات الشعبوية اليمينية المتطرفة، واعتبرت الدراسة أن هذه النسبة هي الأكبر منذ عام 2014. ورغم تأييد الكثير من أفراد العينة لوجود ديمقراطية قوية وتنوع آراء، إلا أنهم توافقوا في الوقت نفسه مع آراء شعبوية يمينية لا تستند إلى المساواة والتنوع، وعبر 59% من عينة البحث عن عدم ثقتهم في الديمقراطية الحالية، كما أبدى 62% موافقتهم على ما يمكن تسميته “سلطوية قانونية”، بالإضافة للمطالبة بتخفيض أعداد المهاجرين والمسلمين وطالبي اللجوء والروما، وهو ما كان واضحًا أكثر لدى المتعاطفين أو المحبين لحزب البديل.

ارتفاع معدلات الإيمان بنظرية المؤامرة

“يعد التشكك في المؤسسات والسلطات أمر مهم للمجتمع، لكن عندما تضفي نظريات المؤامرة بعض الشرعية على العنف، يتعرض التماسك الاجتماعي والديمقراطية معًا للخطر” كان هذا تعليق القائمين على الدراسة حول ارتفاع نسبة التصديق لنظرية المؤامرة، حيث قال 46% من عينة الاستطلاع إن هناك منظمات سرية تقوم بالتأثير على عملية صناعة القرارات السياسية، بينما قال نصف العينة بأنهم يثقون في مشاعرهم الشخصية أكثر من كلام الخبراء. وكانت أهم ملاحظة في هذا الشأن: “من يؤمنون بنظرية المؤامرة، هم أنفسهم الذين يشككون بالنظام السياسي ويظهرون ميلًا أكبر للعنف ضد الآخرين”.

الشرق أكثر رفضًا للآخر

بينما أظهر كلاً من الشرق والغرب مستويات ليست بالمرتفعة للتوجهات اليمنية المتطرفة الواضحة، يأتي الشرق دائمًا في المقدمة عندما يتعلق الحديث بالأجانب، حيث أظهر الغرب رفضًا للأجانب بنسبة 18% بينما كانت النسبة لدى الشرق 23%، ورفض المسلمين حظي بـ 19% في الغرب مقارنة بـ 26% في الشرق، أما رفض طالبي اللجوء فتصدره الشرق بنسبة 63% بينما أعرب 51% من الغربيين عن رفضهم لطالبي اللجوء، وفيما يتعلق بالتوجهات الأكثر ميلًا إلى المواقف التي يمكن وصفها بالسلطوية، صوت الغرب بنسبة 61% مقابل 67% من الشرقيين. وبشكل عام يشعر 52% من الشرقيين بالغضب تجاه موضوع الهجرة، مقابل 44% من الغربيين. كما أظهرت الدراسة أن لدى ذوي التوجهات الشعبوية اليمنية شعورًا أكبر بالمعاملة غير العادلة والحرمان الاقتصادي ومزيدًا من المخاوف من العولمة والافتقار للتواصل وتبادل الخبرات مع المهاجرين.

تأييد الديمقراطية من الناحية النظرية فقط

أظهرت الدراسة أن حوالي 86% من عينة البحث يهمهم أن تحكم ألمانيا بطريقة ديمقراطية، ووافق 93% على أهمية مساواة الجميع في الكرامة والحقوق، بالإضافة لدعم الغالبية العظمى كيان الاتحاد الأوروبي، لكن هذا لم يمنع كُثر من مناقضة هذه التصريحات في نقاط أخرى، كتلك التي لها علاقة بالأجانب واللاجئين، لتخلص الدراسة بالنهاية إلى أن حوالي الثلث يعارضون فكرة المساواة في الحقوق للجميع، ويرون أن الديمقراطية تؤدي إلى قرارات تتسم بالكسل والتنازل في حين كان يمكن اتخاذ قرارات أخرى.

بناء على ما سبق، أوصى الخبراء القائمين على الدراسة بأهمية أن يصبح تعليم الديمقراطية أمرًا ملموسًا في العملية التعليمية، بدلًا من الاكتفاء بالحديث عن النظام السياسي فقط، كما لفتوا الانتباه لضرورة عدم التعميم على كل الألمان أو الشرقيين.

Photo: Asmaa Yousuf