©Asmaa Yousuf
20/04/2018

أبيجامي.. مشروع لتعلم اللغة الألمانية في المساجد

“لم تكن المساجد في الماضي للعبادة فقط، بل كان الناس يذهبون إليها لتلقي العلوم بشتى أنواعها، وما نفعله الآن ليس بعيدًا عن هذه الفكرة، فأثناء تلقي الدروس لا نتطرق إلى الدين إطلاقًا، وإنما فقط ندرسهم المناهج ولكن بلغتهم الأم”. هكذا راح مصطفى هانسر يوضح أهم أوجه الاختلاف بين مشروع “أبجامي” وبقية مدارس اللغات في برلين. وذلك في لقاء معه على هامش مؤتمر ABCami “محو الأمية والتعليم الأساسي في المساجد”، وهو مشروع لمحو أمية اللغة الألمانية (مدعوم من وزارة التعليم والبحث الاتحادية)، من خلال استخدام اللغة الأم للمتدربين كي يسهل عليهم تعلم الألمانية.

المشروع موجه للمتحدثين باللغتين العربية والتركية، بدأ عام 2012 ثم تم تطبيقه في بعض الولايات الألمانية الأخرى كـ بافاريا وهامبورج وساكسونيا وبراندنبورغ. دورات اللغة تقام مرتين أسبوعيًا من خلال معلمين مزدوجي اللغة، “عربي- ألماني” و”تركي-ألماني”، وتم تجربته في 30 مسجد بمختلف أنحاء ألمانيا، ثلاثة مساجد منهم في برلين وهي “ميركيتس” في كرويتسبيرج، و”يونس إيمري” في فيدنغ، و”خوجاتيبه” في شبانداو.

المساجد مكان يألفه الناس

وبسؤاله حول السبب وراء اختيار المساجد بالتحديد لتنفيذ المشروع، قال علي سوناي المشرف الإقليمي لمشروع أبجامي: “تم اختيار المساجد فقط لأنها تمثل مساحة آمنة للناس، فالناس في الغالب يألفون المسجد ويشعرون فيه بالارتياح، خاصة أولئك الذين يزعجهم الخروج من تجمعاتهم التي اعتادوها، وبالتالي يشعرون بالثقة تجاه التواجد في المسجد، فهو مكان يستطيع الجميع القدوم إليه بغرض الدراسة، بغض النظر عن تدينهم من عدمه، هذا أمر لا نسأل عنه”.

انتقاء المساجد بحرص شديد

يقول شريك المشروع توماس بارتلت من وزارة التعليم والبحث الاتحادية، أن المشروع حقق نجاحًا كبيرًا، لذا تأمل الوزارة التوسع في تعميم المشروع ببقية الولايات الألمانية بالإضافة إلى الرغبة في نقل التجربة إلى بعض المنظمات الصغيرة التي تتعامل مع اللاجئين والمعنية بقضايا التعليم. كما أكد على أنه يتم اختيار المساجد بعناية شديدة، وهذه مهمة مديرة المشروع بريتا مارشكا والتي تذهب بنفسها إلى المساجد وتتحقق من كل شيء، ثم تقوم بالتعاقد مع إدارة المسجد نفسه وليس مع أي منظمة يتعامل معها المسجد، كما أن المشروع نفسه لا علاقة له بمنظمة “ديتيب”.

المناهج توضع بالتعاون مع وزارة التعليم الألمانية

تعد مهمة وضع المناهج هي مسؤولية القائمين على المشروع، وبعد ذلك تقوم وزارة التعليم والبحث الاتحادية بمراجعة المحتوى، يقول علي سوناي: “وبعد ذلك لدينا مندوبين إقليميين في المشروع لمراجعة المحتوى وسيرورة الكورسات، ثم نقوم بعمل تقرير لقائدة المشروع، ثم بعدها نقوم بعمل تقرير آخر للوزارة، وبالتالي هناك تداول جيد للمعلومات بخصوص كل ما يتلعق بالمشروع”.

أبجامي وسيط بين الماضي والمستقبل

يتمثل تميز أبجامي بأنه يمثل وسيط بين ما اعتاد عليه القادمين الجدد وما يواجهونه من حياة، ويضيف مصطفى هانسر “المشروع يعد بمثابة جسر تواصل مبدأي بين اللغة الألمانية والقادمين الجدد، ومريدي المشروع لا يستطيعون التحصيل الدراسي في مدارس اللغة الأخرى نظرًا لأنها تدرسهم الألمانية بالألمانية”. وبهذا الخصوص يؤكد توماس بارتلت، على أن من يأتون إلى أبجامي لا يمكن أن يذهبوا لأي مدارس أخرى لأنهم ليس لديهم الثقة الكافية فيها، بالإضافة لخوفهم من افتقاد ما يشعرونه من أمان في مجتمعاتهم.

المشروع يقوم بدور كبير لخدمة مدارس اللغة الطبيعية

بسؤالها حول نوع التعاون بين أبجامي ومدرسة “فولكس هوخشوله”، قالت سيليا سوكولوفيسكي مندوبة “فولكس هوخ شوله” في المؤتمر ومديرة مشروعات بالمدرسة بأن المدرسة تشعر بالمسؤولية العامة وبالتالي يبذلون قصارى جهدهم لدعم المشروع لأنه يقوم بدور كبير في إعداد القادمين الجدد لمرحلة الذهاب إلى المدارس الطبيعبية، كما يمثل المشروع بيئة آمنة لنقل القادمين الجدد إلى محيطهم وعالمهم الجديد، حتى يعتادوا عليه. كما أكدت على أن المدرسة تحاول المدرسة توفير كل ما يحتاجه المشروع وقد حدث قبل ذلك وتعذر الاستمرار في أحد المساجد بسبب مشكلة ما، عندها حصل المشروع على قاعة في المدرسة.

أمل برلين | تقرير وإعداد: أسماء يوسف
Photo: Asmaa Yousuf