Photo: Khalid Alaboud
28/03/2017

الخيمة.. ملتقى موسيقي “برليني” على الطريقة الشرقية

“الخيمة” هي جزء ثابت في البانوراما النمطية التي يمتلكها الأوربي في ذهنه عن العالم العربي، نبيل الأربعين عازف العود السوري جعل “الخيمة” اسماً لمكان تُعزف فيه الموسيقى العربية الجادة في مدينة دمشق مسقط رأسه، وكانت كذلك شركة إنتاج فني يقول نبيل: “كنت أسمع من بعض أقاربي الذين كانوا يقيمون في أوربا قبل 2011 أنّ معظم من يقابلونهم من الأوربيين كانوا يظنون أننا نسكن في الخيام، لذا اخترت أنا وأصدقائي هذا الاسم لنجذب السياح لسماع الموسيقى في دمشق ولنقول لهم أن الخيمة تحتوي في داخلها الكثير من الثقافة والفن الجاد والموسيقى التراثية”.

%d9%85%d9%86-%d8%a7%d8%ac%d8%aa%d9%85%d8%a7%d8%b9%d8%a7%d8%aa-%d8%b3%d8%a7%d8%a8%d9%82%d8%a9-%d9%84%d8%ac%d9%85%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%8a%d9%85%d8%a9

من اجتماعات سابقة لجمعية الخيمة

انتقل نبيل ذو 35 عام للعيش في ألمانيا منذ سنتين تقريباً، فحمل خيمته معه، لكنها اكتسبت بعدا آخر بحسب تعبيره، هو بعد اللجوء يقول نبيل “في ألمانيا وددت أن أعيد استخدام ذات الاسم بدلالات جديدة رغم أن هناك الكثير من الاعتراضات لكنني أردتُ إيصال رسالة مفادها نحن نعيش في خيمة مرفهة، لكن هناك من يعيش في خيم لا تحميه لا من برد ولا من حر ناهيك عن عدم وجود المدارس”.

أسس الأربعين مع بعض الأصدقاء و بالتعاون مع عدة منظمات داعمة للموسيقيين جمعية الخيمة في برلين لتكون مكاناً يجمع الموسيقيين من الواصلين الجدد إلى ألمانيا فبحسب الأربعين هؤلاء “لديهم الكثير من المشاكل” كموسيقي مثلاً وصل إلى ألمانيا دون آلته “إما فقدها بسبب الحرب أو بسبب الطريق أو موسيقي لا يتحدث اللغة وأحياناً حتى الانكليزية غير متوفرة أو لا يعرف في أي مكان ممكن أن يتدرب فهو لا يستطيع ذلك في مقر سكنه المؤقت ولا في بيته الخاص وذلك بسبب الجيران”.

بالإضافة إلى هؤلاء الموسيقيين أراد الأربعين لخيمته أن تكون عامل ربط بين المنظمات الداعمة للموسيقيين وبين الموسيقيين من القادمين الجدد والذين يقول عنهم نبيل “لا أعني بالقادمين الجدد السوريين فقط رغم التركيز عليهم كوني سوري وعلاقاتي أقوى معهم، بل لكل القادمين الجدد من جميع الجنسيات”، فهؤلاء بحسب الأربعين لا يستطيعون الوصول لهذه المنظمات المهتمة بالشأن الموسيقي إن صح التعبير وكذلك هذه المنظمات لا تستطيع الوصول إليهم، لذلك ستصبح الخيمة وسيلة الربط بينهم.

شركاء الخيمة

%d9%86%d8%a8%d9%8a%d9%84-%d9%88%d9%85%d8%a7%d8%b1%d9%83%d9%88%d8%b3-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%b1%d8%ad

نبيل وماركوس على المسرح

في قاعة تحتوي على مسرح بسيط وآلات موسيقية وطاولة مستديرة كان يجلس حولها ما يقارب العشرين موسيقياً من مختلف أنحاء العالم بألسنة مختلفة ولغة واحدة هي الموسيقى التي جمعتهم ويفهمونها دون الحاجة لمترجم، أخذ نبيل عوده وبدأ يعزف فاعتلى المسرح ماركوس هوبي السويسري الأمريكي الأصل والذي يعيش في برلين منذ عامين تقريباً ويدير مركز “نويتز فابريك Noize Fabrik” لخدمة الموسيقيين.

حاول هوبي من خلال الإيقاع مجاراة الأربعين في الموسيقى التراثية التي كان يعزفها خلال الاجتماع التعريفي الثاني لجمعية الخيمة. أمل برلين التقت هوبي الذي درس العلاقات الدولية في الولايات المتحدة الأمريكية وهو أحد الداعمين لجمعية الخيمة، ولدى سؤالنا له عن سبب دعم مركزه لمشروع الخيمة قال “مثل هذه الفعاليات مهمة جداً لأن ما تفعله الخيمة على سبيل المثال السماح للناس بالقدوم والتعبير عن أنفسهم بطريقة إبداعية أو تعلم كيفية التعبير عن أنفسهم، فهذا مهم جداً بغض النظر من أين أتيت أو من أي خلفية تنحدر، فليس للموسيقى لون ولا بلد ولا حدود، لذلك أعتقد أن العمل مع أناس ذوو عقليات منفتحة بهذا الحس العالمي المنفتح بالنسبة لي هو عمل يعطي الحياة طعماً مختلفاً”.

بالإضافة إلى مركز نويتز فابريك كان هناك منظمة أخرى داعمة للخيمة هي”Give something back to Berlin” النشطة في برلين منذ أربع سنوات، والتي أرادت العمل مع مجتمع القادمين الجدد، وكانت فكرتها بحسب لوسي توماس المدير التنفيذي هي العمل مع اللاجئين كشركاء وليس تقديم الخدمات لهم، فعمل المنظمة قائم على فكرة العطاء المتبادل.

تزخر برلين اليوم بالعديد من الفعاليات الموسيقية التي لا تخلو أبداً من عازف أو فرقة قوامها من القادمين الجدد، بعضهم يشقّ طريقه نحو النجومية. ينتهي اللقاء، يفكك نبيل خيمته ويحملها كما يحمل عوده، بانتظار موعد آخر ومكان جديد ينصب فيه الخيمة!

Photo: Khalid Alaboud