Photo: Amal, Berlin
11/02/2018

أمة ألمانية واحدة.. ذات رسالة خالدة!

اقترحت هيئة شؤون الطلاب في برلين مؤخراً، تدريس مقرر “العلوم السياسية” في مدارس الولاية وكل البلاد، والحجة غياب الثقافة السياسية لدى الجيل الجديد!. ربما وبقلق أكبر من قلق بان كي مون، يمكننا تسمية المقرر سابق الذكر بمقرر “التربية الوطنية” الذي كان وما يزال وسيبقى للأبد في مدارسنا العربية الفريدة، أهم من كل المقرارات العلمية والفكرية والفنية والترفيهية والتكعيبية والتشريحية والطنوشية الأخرى!.

في أوطاننا أيها الشعب البرليني الصديق، نحفظ أقوال القيادات الحكيمة الرشيدة السديدة المديدة، أكثر مما نحفظ نظريات الفيزياء والكيمياء، فهذه الأخيرة مجرد هراء، ونعرف انجازات الزعماء الخالدين، أكثر من معرفتنا بتركيبة الأوكسجين والهيدروجين وأروح لمين.. نتعلم في مدارسنا التي تشبه المعتقلات، كيف تمكّن زعيمنا المفدى من الوصول بكل نزاهة إلى رأس السلطة على سطح “دبابة” الانتخابات، وكيف غيّر وجوده مصير البلاد والعباد، لا يهم إن كان للأسوء.. المهم أنه تحرك، ففي الحركة بَركة، والأصح قولها “بِركة” بكسر الباء، حيث غرقنا جميعاً، ومن نجا سابقاً، غرق لاحقاً في بحر إيجة!

على العموم لدينا أغنيات وطنية بعدد صناديق الاقتراع وبراءات الاختراع التي حصدها علماء أوروبا قاطبة ونادبة، لدينا مخزون استراتيجي من أناشيد عشق القائد المفدى، أضخم من مخزون القمح في أمريكا وكندا وكوستريكا، لذلك نحن هنا اليوم بفضل تلك المعزوفات الوطنية الماجدة.. حقاً لاشيء ينقص ألمانيا سوى تدريس التربية الوطنية، نعم وبهذا تكون فكرة القيادة الحكيمة وصلت نظرياً إلى هنا، وبقي أن تصل انجازاتها العظيمة، كترديد الشعار، والأعياد الثورية والتصحيحة، ويوم العمل الطوعي، ودبكة حب الوطن، وعتابا الزعيم الحكيم، ودلعونا الجنود عالحدود.

قالت لي صديقة ألمانية ذات مرة: “تتغنون كثيراً بالوطن، أغنيات تبدو جميلة، شايسه (تباً بالألماني) ليس لدينا الكثير من الأغنيات في حب دويتشلاند”.. قلت لها: “أحلف بسماها وبترابها، أحلف بدروبها وأبوابها، أحلف بالقمح وبالمصنع هذا من حسن حظكم والله، فلو كنتم تتغنون بالوطن، لأصبحتم اليوم تتسولونه مثلنا”.. لم تفهم ماذا قصدت، وقالت: إيجال يا خال!

ختاماً، لم يكن خبر مقرر السياسة الأمر الغريب الوحيد الذي حدث خلال الأيام الماضية، فليكتمل المشهد جمالاً ودلالاً، فاز عضو من حزب البديل وشمس الأصيل بمنصب رئاسة لجنة حماية الدستور!!.. فدستور من خاطركم أيها القراء الأعزاء، أريد الذهاب لوداع “قبة الشفافية” في البوندستاغ الألماني، قبل أن يقال: رزق الله عهديك الأيام!

  • المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي منصة أمل برلين